عَنْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سِتًّا: طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، أَوْ الدُّخَانَ، أَوْ الدَّجَّالَ، أَوْ الدَّابَّةَ، أَوْ خَاصَّةَ أَحَدِكُمْ، أَوْ أَمْرَ الْعَامَّةِ".
بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سِتًّا - طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا
عَنْ أنس بن مالك رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
كان النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يُذكر أصحابه بأيام الله، وسننه في خلقه، ويحدثهم عن علامات الساعة الصغرى والكبرى، والمباشرة وغير المباشرة، ويحذرهم من الفتن: صغيرها وكبيرها، وظاهرها وباطنها، فجمعوا من ذلك قسطاً كبيراً من العلم بأشراطها، ونالوا حظاً وافراً من العظات والعبر، فعاشوا بين الخوف والرجاء، ففازوا بخيري الدنيا والآخرة؛ لأنهم تعلموا كيف تكون الخشية من الله، وكيف يكون الطمع في رحمة الله.
وقد قال الله عز وجل:
{ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ }
(سورة فاطر: 28).
فهم العلماء حقاً، بل هم الراسخون في العلم. ونحن قد تلقينا منهم شيئاً مما علموه وأمروا بتبليغه، وكتموا عنا ما فضلوا به علينا وخصوا به دوننا؛ إذ لا طاقة لنا بفهمه وتحصيله.
ونحن أمام ما حصلنا عليه من علمهم عاجزون عن حفظه كله وعن فهم أكثره، ولاسيما فيما يتعلق بأشراط الساعة؛ فإنهم قد سمعوا فيها الكثير والكثير من الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حتى ليبدو لنا أنهم استوعبوها حفظاً ودرساً، فكانوا من أشد الناس حذراً منها، حتى كان يخيل لأحدهم أن هذه الأشراط قريبة من ساحته تصبحه أو تمسيه.
فقد قال النواس بن سمعان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّجَّالَ الْغَدَاةَ (أي بعد صلاة الصبح) فَخَفَضَ فِيهِ وَرَفَعَ (أي بالغ في تقريب أوصافه لهم بأسلوبه الحكيم) حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ (أي حتى وقع في قلوبنا أنه في هذا النخل الذي نراه حول بيوتنا).
قَالَ: فَلَمَّا رُحْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَفَ ذَلِكَ فِينَا، فَقَالَ: "مَا شَأْنُكُمْ؟" فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَكَرْتَ الدَّجَّالَ الْغَدَاةَ فَخَفَضْتَ فِيهِ ثُمَّ رَفَعْتَ، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ، قَالَ: "غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي عَلَيْكُمْ، إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ، وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ، وَاللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ... وساق باقي الحديث".
إن النفوس المؤمنة لا تأمن لمكر الله أبداً، ولكنها تخشاه وتتقيه دائماً وفي جميع المواطن.
{ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ }
(سورة الأعراف: 99).
{ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ }
(سورة النور: 52).
إن أصحاب النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانوا هم خلاصة الخلاصة، إذا سمعوا الموعظة خيل إليهم أن الساعة قد قامت، والنار قد أعدت للغاوين، والجنة قد أعدت للمتقين، وعاشوا في هذه الموعظة معايشه من يسمع ويرى حتى أتاهم اليقين، فرضوان الله عليهم أجمعين.
وهذه الوصية من عشرات الوصايا التي رواها التابعون عنهم بأمانة ووعي وفقه؛ لكي تكون على بصيرة من أمرنا قبل أن يأتي أمر الله فينا.
وروح هذه الوصية وريحانها وسرها وأثرها في قوله عليه الصلاة والسلام: "بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سِتًّا"، فإنها قد جمعت في طياتها عدة أمور يجب أن تؤخذ في الاعتبار.
أولها: رحمة النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بهذه الأمة، وحرصه على إيمانها، وإشفاقه عليها من عذاب الدنيا والآخرة، وهو الأمر الذي يجعلنا نحبه أكثر من حبنا لأنفسنا، ولم لا وقد قال الله عز وجل في كتابه العزيز:
{ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ }
(سورة الأحزاب: 6 ).
وقال جل شأنه:
{ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ }
(سورة التوبة: 128)
وثانيها: أن على المسلم أن يُعِد للأمر عدته، ولو بدا له أنه بعيد، لا يحدث في عصره.
فقد كان أصحاب النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يعلمون أن بينهم وبين طلوع الشمس من مغربها زمناً لا يدركونه ولا يدركه أبناؤهم ولا أبناء أبنائهم، وذلك من خلال ما أخبرهم النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ به من الحوادث الكثيرة التي تتقدم هذه العلامة، ولكنهم مع ذلك كانوا يخافون ويحذرون، ويخشون الله في السر والعلانية، ويتوقعون حدوث شيء قبل شيء؛ لعلمهم أن الله يفعل ما يريد، فهم كما أشرت لا يأمنون مكر الله.
وقد كان أبو بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يقول: "لو وضعت إحدى قدمي في الجنة والآخرى خارجها ما أمنت مكر الله".
فلا ينبغي أن يقول قائل: إن هذه العلامات الدالة على قرب الساعة لا ندركها فلا نخشاها، ولكن يقول: وما يدريني لعلها تأني وأنا حي.
إن الله عز وجل يقول:
{ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا }
(سورة الأحزاب: 63).
وثالثها: أن المسلم الذي يخشى الله ويتقيه ينبغي أن يضاعف من الأعمال الصالحة؛ لإنها هي سفينة النجاة يوم القيامة، وهي التي يترتب عليها رفع الدرجات في الجنة.
أما دخولها فبرحمه الله عز وجل.
فإذا كثرت الأعمال الصالحة وصدرت من قلب مخلص لله عز وجل – فإنها تكون برهاناً صادقاً على صحة الإيمان وكماله. والإيمان مع صاحبه في الجنة
{ لِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا }
(سورة الأنعام: 132).
رابعها: معرفة الأعمال المنجية من عذاب الله حتى يتسنى للعامل أن يختار منها أحسنها وأحبها إلى الله عز وجل.
ومن أجلها التوبة النصوح، والعمل بالكتاب والسنة، والإنابة والإخلاص لله وحده في كل صغيرة وكبيرة.
{ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ }
(سورة الزمر: 53- 57).
وفي ذكر العدد هنا فائدة وهي الضبط والحفظ؛ فإن المستمع لكلام النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا نسى واحدة سأل عنها من كان معه في المجلس، أو سأل عنها الراوي، أو بحث عنها في كتب الحديث، وإلا فإن الأمور التي ينبغي أن نبادرها بالأعمال الصالحة أكثر من أن تحصى، ولذا قال العلماء: ذكر العدد لا مفهوم له، أي: الوقوف عنده ليس مراداً بالضرورة، وإنما يذكر لئلا ينسى.
والمبادرة هي المسارعة والمسابقة، وإعداد العدة قبل الأهبة، مع الحرص على ما ينفع، واتخاذ الحيطة والحذر مما يعوق المسيرة عن إدراك البغية.
ولم يقل النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –: بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ الصالحة؛ للعلم بها من سياق الكلام.
وما عُلم يجوز حذفه، بل يكون حذفه أولى من ذكره عند علماء البلاغة؛ لأن في الحذف إيجازاً، والإيجاز ضرب من الإعجاز البياني.
والعقل يدرك من الإيجاز أحياناً ما لا يدركه من الإطناب.
واللبيب يفهم من الإشارة أكثر مما يفهمه غيره من العبارة. فتأمل ذلك تجده صحيحاً، وبالله توفيقك.
وتعال بنا الآن ننظر إلى هذه الأمور الستة التي أمرنا النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بمبادرتها والإعداد لها قبل إثباتها.
الأول: طلوع الشمس من مغربها، وهي من العلامات التي إذا وقعت أُغلق باب التوبة عمن لم يكن قد تاب وآمن قبلها.
وهي المعنية في قوله تعالى:
{ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا }
(سورة الأنعام: 158).
روى البخاري ومسلم في تفسير هذه الآية،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
قَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا فَإِذَا رَآهَا النَّاسُ آمَنَ مَنْ عَلَيْهَا فَذَاكَ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ"
ولمسلم والترمذي عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
أَنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "ثَلَاثٌ إِذَا خَرَجْنَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَالدَّجَّالُ وَدَابَّةُ الْأَرْضِ".
قال الطبري: (معنى الآية: لا ينفع كافراً – لم يكن آمن قبل الطلوع – إيمان بعد الطلوع، ولا ينفع مؤمناً – لم يكن عمل صالحاً قبل الطلوع – عمل صالح بعد الطلوع؛ لأن حكم الإيمان والعمل الصالح حينئذ – حكم من آمن وعمل عند الغرغرة، وذلك لا يفيد شيئاً، كما قال تعالى:
{ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا }
(سورة غافر: 85).
وكما ثبت في الحديث الصحيح:
"إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ".
انتهى.
قال الضحاك: من أدركه بعض الآيات، وهو على عمل صالح من إيمانه – قبل الله منه العمل الصالح بعد نزول الآية، كما قبل منه قبل ذلك. فأما من آمن من شرك أو تاب من معصية عند ظهور هذه الآية – فلا يقبل منه؛ لأنها حالة اضطرار، كما لو أرسل الله عذاباً على أمة فآمنوا وصدقوا، فإنهم لا ينفعهم إيمانهم ذلك؛ لمعاينتهم الأهوال والشدائد التي تضطرهم إلى الإيمان والتوبة.
أقول: والأدلة على ذلك كثيرة منها:
(أ) ما رواه مسلم في صحيحه، عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
"مَنْ تَابَ قَبْلَ طُلوع الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ".
(ب) وروى الترمذي وصححه عن صفوان بن عسال المرادي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"باب من قبل المغرب مسيرة عرضه (أو قال: يسير الراكب في عرضه) أربعين أو سبعين سنة خلقه الله تعالى يوم خلق السموات والأرض؛ مفتوحاً للتوبة، لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها".
والحكمة في عدم قبول الإيمان والتوبة عند طلوع الشمس من مغربها أن هذه العلامة هي أول ما يحدث من تغير العالم العلوي، فإذا شوهد ذلك حصل الإيمان الضروري بالمعاينة، وارتفع الإيمان بالغيب، وهو أصل من أعظم أصول الإيمان.
ولكن كيف تطلع الشمس من مغربها؟.
أقول: علم ذلك عند ربي؛ لكن روى البخاري ومسلم في صحيحيهما،
عن أبي ذر – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – قال:
قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أتدري أين تذهب هذه الشمس إذا غربت؟، قلت: لا أدري، قال: إنها تنتهي فتسجد تحت العرش، ثم تستأذن فيوشك أن يقال لها: أرجعي من حيث جئت، وذلك حين لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً".
وطلوع الشمس من مغربها هو أول علامات الساعة الكبرى ظهوراً على الراجح من أقوال العلماء؛ لما رواه مسلم في صحيحه
عن عبد الله بن عمرو بن العاص – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – قَالَ:
حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا لَمْ أَنْسَهُ بَعْدُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ أَوَّلَ الْآيَاتِ خُرُوجًا طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَخُرُوجُ الدَّابَّةِ عَلَى النَّاسِ ضُحًى وَأَيُّهُمَا مَا كَانَتْ قَبْلَ صَاحِبَتِهَا فَالْأُخْرَى عَلَى إِثْرِهَا قَرِيبًا".
ولا إشكال في هذا الحديث؛ فإن طلوع الشمس من مغربها هو أول الآيات العلوية ظهوراً، وخروج الدابة هو أول الآيات الأرضية ظهوراً، وليس بينهما إلا زمن يسير، هكذا ذكر ابن كثير في البداية والنهاية، وهو توفيق حسن.
المقالات ذات الصلة
مقالات وموضوعات متنوعة
إِنِّي أُحِبُّكَ فِي اللَّهِ
لقد كان أصحاب النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصحاب قلوب كبيرة سلمت من كل ما يعكر صفو الإيمان، ويكدر جلوة اليقين، فتآخوا على الحب – اجتمعوا عليه وتفرقوا عليه، وعاشوا به متعانقين يؤثر بعضهم بعضاً على نفسه بما لديه ولو كان في أشد الحاجة إليه.ولقد تحقق الإخاء بينهم بكلمة الله عز وجل فانصهر المهاجرون بعضهم في بعض، وانصهر الأوس والخزر...
حُكْمِ اللُّقَطَةِ
كان أصحاب النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتقون الشبهات كلها: صغيرها وكبيرها، ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً؛ وذلك استبراء لأعراضهم وصيانة لدينهم وحرماتهم عند الله. فإذا شكل عليهم أمر ترددوا فيه بين الحل والحرمة واستفتوا فيه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيفتيهم كما علمه ربه عز وجل.
لَا تُؤْذُوا عِبَادَ اللَّهِ وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ
الإسلام دين يدعو معتنقيه إلى التمسك بالفضائل، وهي كثيرة لا تنحصر في دائرة معينة ولكنها تشمل مناحي الحياة كلها. وهذه الفضائل على كثرتها تتبع من الإيمان وفيه نصب، فهي شعبه التي يتشعب بعضها من بعض، وتحت كل شعبة من الخصال الكريمة ما لا ينحصر.
لَا تُظْهِرْ الشَّمَاتَةَ لِأَخِيكَ
فمن آمن بالله إيماناً كاملاً، أحب لأخيه ما أحبه لنفسه، فإن أصابه خير هنأه. وإن أصابه ضر واساه ونفس عنه كربته وشاركه آلامه وآماله. والرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذه الوصية يخاطب المؤمنين الذين لم يكتمل إيمانهم بعد محذراً من آفة تجلب على صاحبها البلاء، وتورثه الشقاء، وتحرمه من التمتع بطيبات الحياة، وهي الشماتة.
أَلَا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللَّهِ
وفي هذه الوصية يرسم النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الخطى لمن أراد العزة وسعى إليها، ويحدد معالم الطريق إلى الله في تؤدة واتزان، فيسأل أصحابه البيعة على أمور تضمن لهم سعادة الدنيا والآخرة، فيستوضحون منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن بنود المبايعة وقواعدها وشروطها، فيجيبهم الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما جاء في هذا ا...
أَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ
الاسم دليل على صاحبه؛ فهو يسمو به ويحدده فيعرف به إذا ما ذكر. والاسم الحسن يحمل لصاحبه ولمن يسمع ذكره فألا حسناً، ويبعث في نفسه نشوة يستعذبها ويسر بها. والاسم القبيح على الضد من ذلك، وله على النفس آثار سيئة، فربما يتعقد الطفل منه حين ينادي به فيتوارى من الناس خجلاً، أو يعتزلهم فيصاب بعقدة الانطواء، وتلازمه هذه العقدة طول حياته.